الخميس، 5 يونيو 2014

دور سمو الشيخ عبدالله مبارك الصباح في نهضة التعليم في الكويت

دور سمو الشيخ عبدالله مبارك الصباح  في نهضة التعليم في الكويت

لقد تعددت أدوار سمو الشيخ عبدالله مبارك الصباح وتنوعت خصوصاً في حقبة الخمسينيات عندما عمل نائباً لأمير البلاد سمو الشيخ عبدالله السالم، فقد أسس وبنى وساهم في وضع اللبنات الأولى والأسس الراسخة لنهضة كثير من قطاعات الحكومة والمجتمع كاجيش والشرطة كالإذاعة والمجتمع المدني ونادي الطيران والعلاقات الخارجية والتعليم.. وغيرها من مؤسسات وقطاعات الدولة.
اهتم الشيخ عبدالله مبارك بالتعليم من خلال رئاسته لمجلس المعارف لجلسات عديدة[1]، وتتضمن محاضر اجتماعات مجلس المعارف كما نشرتها جريدة «الكويت اليوم» عرضاً للأنشطة التي قام بها المجلس تحت رئاسته.
فعلى سبيل المثال،أقر مجلس المعارف في جلسته يوم 10 مايو 1948 برئاسة سمو الشيخ عبدالله مبارك الصباح بناء مدرستي الشرقية والقبلية.  وأقر المجلس في اجتماعه بتاريخ 3 مايو عام 1955 العقود الجديدة للمدرسين، ووضع القواعد الخاصة بتنظيم الموسم الثقافي، ووافق على قيام دائرة المعارف باتخاذ الخطوات اللازمة لتعميم مياه الشرب على جميع المدارس بالقرى، كما ناقش المذكرة المتعلقة باشتراك الكويت في معسكر الكشافة الدولي في كندا، ووافق المجلس على الاشتراك بشرط أن يكون «باسم الكويت لا أن تكون الكويت تابعة لدولة أخرى»[2].
وفي جلسته بتاريخ 4 ديسمبر عام 1955، ناقش المجلس إنشاء بيت للكويت في القاهرة على الأرض التي سبق لإدارة المعارف شراؤها بمنطقة الدقّي[3]. وفي جلسته التالية بتاريخ 19 ديسمبر من العام نفسه، تمت الموافقة على اقتراح أمين السر بأن تكون اجتماعات مجلس المعارف أسبوعية، وأن تنعقد في الثامنة والنصف من صباح كل يوم أحد. وفي جلسة 27 ديسمبر، ناقش المجلس «ضرورة اشتراك معارف الكويت في منظمة هيئة اليونسكو العالمية للوقوف على التيارات الثقافية الحديثة والأخذ بأسباب التطور الثقافي والتربوي الحديث أسوة بالبلاد المتقدمة»، ووافق المجلس على هذا الاقتراح على أن تُتخذ الطرق الرسمية لتنفيذ القرار[4].
وفي عام 1956، نشرت جريدة الجمهورية المصرية تحقيقاً عن التعليم في الكويت ودور الشيخ عبدالله مبارك في تطويره، وجاء فيه أن الشيخ يؤمن بأهمية التعليم والتربية في تكوين الأمم والشعوب، وبأن «سلامة الكويت من أي خطر خارجي أو مرض داخلي تتطلب أولاً وقبل كل شيء التخلص من الجهل والظلام الذي يفتك بالعقول»[5].
واتسمت نظرة الشيخ للعملية التعليمية بالتكامل والشمول، فقد نظر إلى التعليم على أنه أداة تأهيل لجيل جديد من الكويتيين لإدارة مؤسسات الدولة بعد الاستقلال، ولقيادة جهود التنمية فيها. لذلك، فقد اهتم بالتعليم في مراحله كافة وخصوصاً تعليم البنات، وبأنشطة التربية الاجتماعية والرياضة المدرسية، واهتم الشيخ أيضاً بأنشطة الكشافة وحرص على مشاركة فرقها في الاستعراضات والمناسبات العامة. ففي فبراير عام 1953 على سبيل المثال نظم الشيخ استعراضاً كبيراً أمام دائرة الأمن العام ضم وحدات من الحرس الأميري والجيش وفرق الكشافة والأشبال[6]، كما حرص على زيارة المعسكر الكشفي السنوي الذي كانت كشافة الكويت تنظمه كل عام[7]، وشجع الشيخ إرسال البعثات العلمية إلى الخارج، وحرص على الالتقاء بالطلبة المبعوثين في الخارج مثل مقابلته لوفد شباب الكويت في فرنسا عام 1950 [8].
وأولى الشيخ التعليم في مجال الفنون والموسيقى اهتماماً خاصّاً، فشجع تأسيس الجمعيات الفنية، وجمعيات الرسم والتصوير والموسيقى والتمثيل، وأقيمت فرق تمثيلية وموسيقية للطلبة من الجنسين لشغل أوقات فراغهم، واهتم الشيخ بحضور الأنشطة الفنية المدرسية دعماً لها وتشجيعاً للقائمين عليها. وعلى سبيل المثال، حضر الشيخ الاحتفال الذي أقامته مدرسة الصباح بمناسبة المولد النبوي الشريف عام 1952، والذي عرضت فيه مسرحية «وامعتصماه»[9]، لذلك وُصِفَ الشيخ بأنه «راعي الفنون والموسيقى في الكويت».
وتابع الشيخ جهود التوسع في التعليم، فدعم إنشاء المباني المدرسية[10]، واهتم بشؤون التعليم في المراحل الثلاث، الحضانة والابتدائية والثانوية[11]، كما عمل على توفير دعم أمير البلاد للمشروعات التعليمية[12]، وأسهم في تسهيل إنجاز بعض هذه المشروعات، فقدم، على سبيل المثال، مساحة 3248م2 من أرضه الخاصة قرب قصر دسمان، لإنشاء مبنى إدارة الصحة المدرسية في عام 1959[13].
وكانت نتيجة هذه الجهود الازدياد المستمر في أعداد الطلاب التي بلغت في العام الدراسي 1954/1955 نحو 20500، منهم 15300 طالب و5200 طالبة. وبلغت في العام الدراسي 1958/1959 نحو 35536 طالباً وطالبة بزيادة قدرها 5144 عن العام السابق. وترتب على ذلك التوسع في عدد المدرسين فبلغ العام الدراسي 1956/1957 نحو 1332 مدرساً، وزاد في العام الدراسي 1958/1959 إلى 1697[14].
وفي عام 1959، أقر الشيخ مشروعاً تاريخيّاً وحضاريّاً مهمّاً، وهو إعداد سجل تاريخي يحتوي على الوثائق الخاصة بتاريخ الكويت وأحداثه المختلفة لتكون مادة وثائقية للمؤرخين والباحثين في تاريخ الكويت والخليج العربي عموماً، وأصدر الشيخ نداءً عامّاً لكل المواطنين والباحثين للإسهام في إعداد ذلك السجل، وتقديم ما في حوزتهم من وثائق أو مذكرات إلى إدارة المعارف، أو تقديم صور منها لضمها في السجل[15].
وبعد إعادة تشكيل مجلس المعارف في عام 1960، انعقد أول اجتماع له برئاسة الشيخ عبدالله مبارك في 29 فبراير الذي أشار في بداية الاجتماع إلى أهمية دور المجلس «في تربية النشء تربية صالحة تُكرّس الأخلاق الفاضلة والخدمة الخالصة للوطن»، وأكد أهمية المسؤولية الملقاة على عاتق المجلس «الذي يشرف على دائرة من أهم الدوائر لما لها من أثر في مستقبل البلاد»[16]. وفي اجتماع المجلس بتاريخ 7 مارس في العام ذاته، نوقش مشروع قانون الآثار وفكرة إنشاء متحف الكويت الوطني، ودور مجلس المعارف في المحافظة على الآثار وصيانتها ومراقبة الاتجار بها، ووافق مجلس المعارف على المشروع وعلى رفعه للمجلس الأعلى لإقراره، كما وافق المجلس على إنشاء أول روضة أطفال في جزيرة فيلكا[17]. وفي اجتماع مجلس المعارف برئاسة الشيخ بتاريخ 14 مارس، ناقش الأعضاء تقريراً عن إنشاء جامعة الكويت، وتم الاتفاق على إعطاء مزيد من الوقت لدراسة التقرير «لما لهذا الموضوع من أهمية كبرى في مستقبل البلاد»[18].
ومن خلال الاطلاع على محضر الاجتماع، يتّضح حجم التطور التعليمي الذي شهدته الكويت في تلك الفترة. فقد شمل إنشاء مدارس جديدة، والتوسع في أبنية وخدمات المدارس القائمة، وتطوير المعسكر الكشفي، والاحتفال بعيد الأم في 21 مارس، وإقامة مدارس في إمارتي الشارقة وعجمان، وتعليم المكفوفين والمكفوفات والصم والبكم، وإنشاء معهد لذوي الاحتياجات الخاصة، وتبرز تلك الإشارة شمولية نظرة الشيخ للعملية التعليمية وعمله على تحقيق أهدافها من مختلف جوانبها بما يضمن تأهيل الأجيال الجديدة من أبناء الكويت وبناتها على أعلى مستوى.





[1] ترأس الشيخ عبدالله مبارك مجلس المعارف لأول مرة في 24 ديسمبر عام 1947، ثم تتابعت رئاسته للمجلس وفقا لمحاضر جلسات مجلس المعارف في 8، و12، و17، و24 ديسمبر عام 1951، و3، و11، و22، و27 فبراير و3، و7، و11، و17 مارس، و1، و2، و8، و15، و17, و24 أبريل، و12 مايو 1952 و 24 مارس 1953 و 4، و27 ديسمبر 1955، و23، و30 مارس 1958، و13 و20 مارس 1960. و جدير بالذكر أن الوكيل السياسي لاحظ اهتمام الشيخ بالتعليم وسجل ذلك في تقاريره.
From Political Agency (McCarthy) to Political Residency (Man), September 23, 1959.
ومن الغريب أن الكتاب التوثيقي الذي صدر عن تاريخ التعليم في الكويت لم يتضمن إشارة إلى دور الشيخ في هذا المجال. انظر عبدالعزيز حسين وآخرين (إعداد)، تاريخ التعليم في دولة الكويت. دراسة توثيقية (الكويت: مركز البحوث والدراسات الكويتية، 2002) 6 أجزاء.
[2] محضر الاجتماع في الكويت اليوم، عدد 22، بتاريخ 7 مايو 1955، ص 6. انظر الوثيقة رقم (15).
[3] محضر الاجتماع في الكويت اليوم، عدد 51، بتاريخ 17 ديسمبر 1955، ص 8. انظر الوثيقة رقم (16).
[4] محضر الاجتماع في جريدة الكويت اليوم، عدد 54، بتاريخ 31 ديسمبر 1955، ص 8. انظر الوثيقة رقم (17).
[5] جريدة الجمهورية بتاريخ 1 مارس 1956.
[6] مجلة الرائد، السنة 1، العدد 9، فبراير 1953، ص ص 84-85.
[7] مجلة الرائد، السنة 2، العدد 1، أبريل 1953، ص 107.
[8] مجلة البعثة، السنة 4، العدد 7، أغسطس 1950، ص 21.

[9] مجلة البعثة، السنة 6، العدد 1، يناير 1952، ص 44.

[10] الكويت اليوم، عدد 51، بتاريخ 10 ديسمبر 1955، ص 8.

[11] الكويت اليوم، عدد 54، بتاريخ 31 ديسمبر، ص 8.

[12] الكويت اليوم، عدد 167، بتاريخ 23 مارس 1958، ص 4.

[13] الكويت اليوم، عدد 232، بتاريخ 19 يوليو 1959، ص 2.

[14] From American Consulate (Brewer) to Department of State, March 18, 1957 and Seelye, November 5, 1958 another Report by

[15] الكويت اليوم، عدد 243، بتاريخ 4 أكتوبر 1959، ص 11، ثم أعُيد نشره في عدد 245، بتاريخ 18 أكتوبر 1959، ص 12، انظر نص البيان في الوثيقة رقم (18).

[16] الكويت اليوم، عدد 265، بتاريخ 6 مارس 1960، ص 22، انظر الوثيقة رقم (19).

[17] الكويت اليوم، عدد 266، بتاريخ 13 مارس 1960، ص 22، انظر الوثيقة رقم (20).

[18] الكويت اليوم، عدد 267، بتاريخ 20 مارس 1960، ص 19-20، انظر الوثيقة رقم)21).

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق