الاثنين، 19 أغسطس 2013

يوم في حياة عبدالله المبارك في رمضان

عبدالله المبارك في حديقة الحيوان بالقاهرة في الخمسينات مع وزير الزراعة المصري وسكرتيره الخاص
عبدالله المبارك في حديقة الحيوان بالقاهرة في الخمسينات مع وزير الزراعة المصري وسكرتيره الخاص

نشر هذا التقرير في العشرين من شهر رمضان 1378 الموافق لشهر مارس 1959 بجريدة «وطني» المصرية الاسبوعية بمناسبة احتفالات الكويت بالعيد الأول للجمهورية العربية المتحدة، وكانت احدى المقابلات مع الشيخ عبدالله المبارك الذي كان يشغل منصب نائب حاكم الكويت ورئيس دائرة الامن والشرطة والقائد الاعلى للجيش والقوات المسلحة في تلك الفترة.
دعيت الى الافطار بقصره، وهناك على المائدة، شاهدت سموه للمرة الثالثة يجلس بين ضيوفه ورايت بينهم الضابط الكبير والجندي الصغير والمدير العام والفراش البسيط والكويتي والعربي والاجنبي.. التاجر والعامل خليط عجيب جمعهم كرم الشيخ وسماحة تقاليده العربية.. كان كل واحد يحس انه في بيته».
واستأذنته في تسجيل يوم كامل في حياته ورأيته يبتسم ويقول في تواضع «بكل ممنونية البيت بيتكم»
وفي الساعة السابعة والنصف لليوم التالي كنت أرابط مع زميلي المصور داخل القصر، ولم تمض سوى بضع دقائق حتى استقبلنا مرحبا، ويبدو انه لم يكن يتوقع ان يرانا في هذه الساعة المبكرة من الصباح، فقال ضاحكا: «انتم ما تنامون» ثم دخل الى غرفة مكتبه الخاصة بالقصر، ومن المكتبة اختار كتاب الكامل في التاريخ وبدأ يطالع فيه فترة، ثم ترك الكتاب وتناول ملفا انكب على دراسته، وفي الثامنة والثلث كان يقود سيارته بنفسه الى مكتب الحاكم، حيث بقي فيه حتى العاشرة، ثم انتقل الى مكتبه بدائرة الأمن العام حتى الثانية عشرة والنصف، وطوال هذه الفترة لم يهدأ لحظة، فمن دراسة ملفات يقدمها كبار الموظفين او شكوى من مواطن بسيط او تاجر كبير الى دراسة مسائل الدولة الى استقبال السيل الذي لا ينقطع من الزوار وكل منهم له مشكلة يعرضها او طلب يلتمس النظر فيه.
وكنت أراقبه وهو يعمل ويناقش ويستفسر ويحسم..كل هذا في هدوء والابتسامة لا تفارق شفتيه.. وترك مكتبه وظننته عائدا الى القصر، وانتظرنا وطال انتظارنا، ومضت علينا فترة تزيد على الساعة، ثم وصل، وعلمت انه كان في زيارة مفاجئة لإحدى ثكنات الجيش.. وكنت اشعر بالمجهود الذي بذله.
وعندما حان وقت الإفطار انتقل مع الضيوف بعد اداء الصلاة الى شرفة واسعة اصطفت فيها المقاعد الوثيرة حول حمام السباحة الانيق، واقبلت طفلة صغيرة ورأيت لحظة من الحنان والحب والمناجاه بين الامير الانسان وابنته الطفلة، وكانت عدستنا تسجل وكانت صورا لاسمى عاطفة في الوجود.
وانصرفت الصغيرة واستمرت جلسته مع ضيوفه حتى الحادية عشرة مساء..كانت تخرج أفواج لتحل محلها أفواج أخرى.. وكان الفوج الأخير قد بدأ بالانصراف، واستأذنت منصرفا معهم.
تم النشر في 2012/07/29 
جريدة القبس الكويتية
إعداد محمود زكريا عبدالرحيم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق