الخميس، 6 سبتمبر 2012

موجز لسيرة حياة الشيخ عبد الله مبارك الصباح








كان الشيخ عبد الله الابن الأصغر للشيخ مبارك الصباح ( مبارك الكبير ) مؤسس الكويت الحديثة ، وكان له خمسة أخوة بالإضافة إلى عدد من الشقيقات . تختلف التقديرات حول التاريـخ الدقيـق لولادة ، الشيـخ عبـد الله مبـارك وترجـح د . سعاد الصباح في كتابها " صقر الخليج " الذي يوثق قصة حياة زوجها الشيخ عبد الله مبارك أن ولادته كانت في 23 اغسطس من عام 1914 وفقاً لشهادة الشيخ أحمد الجابر المسجلة .
نشأ الشيخ عبد الله مبارك وتربى في بيئة قبلية صحراوية تعتد كثيراً بالأصل ، واستقى من هذه البيئة سجاياه وقيمه وأخلاقه ومبادئه القويمة التي كانت نبراساً له في طفولته ، كما كانت أرضية صلبة وقف عليها بثبات في شبابه ، ومنها أستمد ألقه وتميزه كرجل دولة حين باشر مسؤولياته الحكومية المتعددة .
لم تتأخر إطلالة الشيخ عبد الله مبارك على الشأن العام ، فقد ساهمت نشأته البدوية الراسخة في تأصيل قيم الصبر والشجاعة والإقدام في إهابه ، وقد وُضِِعَتْ هذه الشمائل موضع الاختبار قبل أن يطأ عتبة الشباب ، إذ عهد إليه وهو يافع لم يتجاوز بعد الثانية عشرة من عمره القيام بمهمة المشاركة في حراسة السور الذي كان يحيط بمدينة الكويت ، فتولى مع أقرانه مسؤولية حماية المدينة من المعتدين . ويذكر في هذا المقام أن مراقبة بوابة ( دروازة ) الشامية تندرج ضمن صلاحيات الشيخ ، وهي مهمة ليست يسيرة لمن كان في عمره ، وتنم هذه الواقعة عن قدرة غير عادية على تحمل المسؤولية والاضطلاع بأعبائها . وقد أكسبته تلك المهمة سمعة طيبة تمظهرت بالصرامة وعدم المجاملة في تجاوز القواعد المرعية بالبوابة التي أشرف عليها .

بدايات المشاركة في الحياة العامة 
تشير د . سعاد في الكتاب الذي سلف ذكره أن الوثائق البريطانية تذكر الأدوار التي شغلها الشيخ عبد الله مبارك بدءاً من حقبة الأربعينات من القرن المنصرم ، لكن من المعروف أن مشاركة الشيخ في الحياة العامة بدأت مع توليه دور المساعد للشيخ علي الخليفة العبد الله الصباح الذي كان حاكما – محافظاً – لمدينة الكويت ومديراً لدائرة الأمن فيها ، وأن الشيخ



عبد الله كان في الثلاثينات مسؤولاً عن مكافحة التهريب ، في زمن لم تكن فيه مؤسسات وأجهـزة ، وكان هــذا العمل يتطلب حكمة واسعة في إدارة العلاقة بالقبائل ، بالإضافة إلى
معرفة ودراية بالبادية ومساربها والتي هي المسرح المحتمل لتهريب السلع الذي غالباً ما كان يؤدي إلى نشوب أزمات بين القبائل . واستطاع الشيخ أن يدير هذه الأزمات بحنكة وواقعية . واستمر صعود نجم الشيخ في الحياة السياسية وتنوعت مسؤولياتـه . وعندما أصدر الشيخ عبد الله السالم أمير البلاد مرسوماً في عام 1958 بتشكيل المجلس الأعلى الذي تكون من سبعة عشرة شخصاً من رؤساء الدوائر الحكومية ، كان ترتيب الشيخ عبد الله مبارك هو الثاني بعد الأمير مباشرة ، وحدد المرسوم اختصاصاته في " رئيس دائرة الأمن العام وتتبعه إدارة الجنسيــة والجــوازات ، وإدارة الإذاعــة والتلفــاز ، بالإضافة إلى بعض الدوائر الأخرى " ، وأنيط بشخصه تطبيق قرارات المجلس الأعلى .
ويرد في كتاب " صقر الخليج " ما يلي : " الحقيقة التاريخية التي توضحها بجلاء فصول هذا الكتاب أن الشيخ عبد الله المبارك أصبح في نهاية الخمسينات الشخصية البارزة في حكم الكويت ونائب الحاكم والساعد الأيمن له . وبفضل جهوده ، تقدمت أساليب الحكم والإدارة . .
واحتل الشيخ هذه المكانة نتيجة عمله لسنين طويلة ، ولإسهامه في بناء المؤسسات وتحديثها وتطويرها . وعلى مدى ثلث قرن من الزمان ، باشر خلالها أدواره المختلفة في أروقة السلطة ودوائر الحكم ، بدءاً من حراسة السور وهو صبي ، وصولاً إلى تسلمه مقاليد ومسؤوليات الرجل الثاني في الكويت ، فقد عاصر الشيخ عبد الله المبارك مرحلة التحول الكبرى من البداوة إلى التحضر ، ومن صيد اللؤلؤ والتجارة إلى إنتاج النفط .

* مسيرة التأسيس
كانـت الفتـرة التاريخيـة الممتـدة مـن عام 1910 إلى عام 1950 بالنسبة للكويت مرحلة " مخاض " أما مرحلة الخمسينات التي لعب الشيخ عبد الله المبارك دوراً محورياً في تشكيل أحداثها ، فيصفها البعض بأنها مرحلة التفتح ، وكان بناء المؤسسات أحد أهم معالمها . وكانت عملية البناء هي المدخل الحقيقي لترسيخ هيكل دولة الكويت والمضي قدماً في عملية
_______________________________________________________
* صقر الخليــج ، ص 232



تطويرها وتحديثها وتنمية مواردها الاقتصادية والبشرية ، وتوفير الأمن وسبل الارتقاء لشعبها المسالم . وكان الشيخ عبد الله المبارك بحق أحد رعاة مرحلة التفتح الفاعلين ، وسنفرج هنا على بعض ملامح هذه الرعاية .
الأمن العام والجيش
تطلبت مسؤولية مكافحة التهريب التي تولاها الشيخ عبد الله المبارك إقامة علاقات وثيقة بالعشائر وشيوخها ، وكان عماد أمن الكويت الخارجي يستند على " الفداوية " وهم من المسلحين البدو الأشداء الذين كانوا نواة الجيش الكويتي الذي انشأه الشيخ عبد الله مبارك سنة 1949 . وكان رجلنا على معرفة لصيقة و وثيقة بهؤلاء الأفراد بحكم علاقته بالبدو والعشائر ومسؤوليته عنهم .
وبعد أن شغل الشيخ عبد الله المبارك وظيفة الساعد الأيمن لرئيس دائرة الأمن العام الشيخ علي الخليفة الصباح لسنوات عديدة ، تسلم الرئاسة بعد وفاة الأخير في عام 1942 ، وشرع في استكمال كوادرها وأطرها . وفي هذا السياق انشأ الشيخ عبد الله المبارك أول مدرسة للأمن العام وتبرع بمنزل والدته في شارع السور كمقر لها . وبطلب من أمير الكويت أعد العدة لإنشاء إدارة تتولى شؤون الجوازات والسفر ، وتم افتتاحها رسمياً في غرة يناير عام 1949 . وعمل على تهيئة الظروف الملائمة لتسليح قوات الأمن العام بأحدث الأسلحة . ويبدو جلياً أن طبيعة عمل دائرة الأمن العام آنذاك تشبه إلى حد بعيد عمل الجيش حالياً .
وفي عقد الخمسينات ألحقت بهذه الإدارة أقسام متخصصة مثل " قوة خفر السواحل " التي تأسست عام 1954 ، وهو العام الذي عين فيه الشيخ عبد الله المبارك قائداً عاماً للجيش ، حيث عمل على تنظيم استعراض عسكري لهذه القوة الوليدة ، وتابع تدريباتها ومناوراتها ، واشترى لها الأسلحة ، واهتم بالدور الاجتماعي للجيش وبالإعلام العسكري ، وتمثل هذا الاهتمـام بصـدور مجلـة " حمـاة الوطـن " . وفي فترة الأعوام الثلاثة السابقة للاستقلال ( 1959 – 1961 ) نشط الشيخ عبد الله في مجال إبرام عدد من صفقات السلاح مع بريطانيا عبر زيارات متكررة ، كما سعى لبناء القوات البرية والبحرية ، تحرك أيضاً لبناء سلاح الجو الكويتي . لكن هذا المسعى الأخير اصطدم بالعراقيل التي وضعتها السلطات البريطانية التي لم تكن راغبة في التخلي عن دورها الأمني .

الطيران المدني
وتذكر الوثائق الاميركية أن الشيخ عبد الله المبارك افتتح نادي طيران الكويت ومدرسة الطيران قي اواسط شهر مارس من عام 1953 ، وترأس احتفالاً كبيراً بمناسبة تخريج أول دفعة من الطيارين الكويتيين في ديسمبر عام 1954 ، وكانت حصيلة هذا التحرك والجهد تشكيل النواة الصلبة للعاملين في شركة طيران الكويت وسلاح الجو الكويتي . وتكلل هذا الجهد بوصول أولى طائرات الخطوط الجوية الكويتية المحدودة ، وهي طائرة كاظمة ، وذلك في السادس عشر من شهر مارس عـام 1954 . وبمـوجب صلاحياتـه كقائم بأعمال الحاكم ، أعلن الشيخ عبد الله المبارك في أكتوبر من عام 1956 عن إنشاء دائرة الطيران المدني وربطها بدوائر الأمن تحت إشرافه . ويتضح مما سبق ، أن الشيخ عبد الله قام بدور رائد في رسم ملامح هذه المؤسسة الحيوية ، وفي تشكيل اطرها ووظائفها ، وفي وضع قواعد الطيران وتنظيماته ولوائحه وضوابطه .
الإذاعــة
احتاجت إذاعة الكويت إلى عقود من الزمن لتستكمل مسيرتها والقيام بوظيفتها الإعلامية كما هو المرتجى والمأمول وكانت بدايتها متواضعة للغاية ، وفي غرفة تابعة لمبنى إدارة الشرطة والأمن العام التي كان يرأسها الشيخ عبد الله المبارك ، حيث بدأ البث الإذاعي في العام 1951 لمدة ساعتين يومياً . وتكون كادرها الوظيفي من موظفين أثنين فقط ، وترأس الإذاعة الشيخ عبد المبارك نفسه ، ووضع الأسس القويمة لتطويرها وزيادة ساعات البث اليومية لها . وما كان لهذا الصرح الإعلامي كما هو عليه الحال اليوم أن يظهر لولا اللبنة الأولى التي رعاها رجلنا في تلك الغرفة المتواضعة ، وذلك الجهاز الإذاعي المتواضع الذي انطلقت عبره لأول مرة عبارة : هنا الكويت .

التعليم والمعارف
ارتكزت بدايات التعليم في الكويت في أواخر القرن التاسع عشر على دور المساجد والكتاتيب التي اقتصر دورها على تحفيظ القرآن وتعليم مباديء القراءة والكتابة والحساب . وتوالى





افتتـاح المـدارس النظاميـة منـذ عـام 1911 ( المباركية ) ، وبعد ذلك في عام 1920 ( الأحمدية ) ، ثم في عام 1926 ( السعادة ) . لكن انطلاقة التطور الحقيقي للتعليم بدأت في عام 1946 مع بدء تصدير النفط وتخصيص ميزانية ملائمة للإنفاق على التعليم ، وصلت إلى سبعين مليون روبية للعام الدراسي 1955 – 1956 ، أي حين كان الشيخ عبد الله المبارك يترأس مجلس المعارف .
وخلال رئاسته لهذا المجلس أصدر الكثير من القرارت المتعلقة بالمناهج والبعثات ووضع القوانين التنظيمية واللوائح لسير العملية التعليمية ، ورفدها بالمدرسين المؤهلين ، وتهيئة البنى التحتية والخدمات المرافقة التي اسهمت في توسيع النشاطات التعليمية والتربوية والفنية . وتماشى كل ذلك مع سجايا وخصال الشيخ عبد الله المبارك المحب بالسليقة للفن والشعر ، وشعفه الشديد – مثله مثل معظم أهل البادية – بأحاديث الأدباء والحكماء والشعراء .
وفضلاً عن هذات الدور المتعلق بتوسيع وتطوير القاعدة التعليمية ، لا يمكن إغفال دور الشيخ عبد الله المبارك في حفز تشكيل الجمعيات والنوادي الثقافية والرياضية وكل الهيئات التي تندرج تحت شعار مؤسسات المجتمع المدني .

موقفه من العروبة والوحدة
يعتبر الشيخ عبد الله مبارك من ابرز السياسيين الخليجيين الذين حافظوا على علاقاتهم الوثيقة بالبلاد العربية ، وعملوا على تطويرها ودعمها باستمرار . كان الشيخ مؤمناً بالعروبة والتضامن العربي بشكل طبيعي وتلقائي ـ ولم يكن محتاجاً إلى – تنظير – أو – فذلكة فلسفية لكي يدرك معنى العروبة ، فقد كانت جزءاً طبيعياً من البيئة التي تربى فيها ، والمناخ الذي عاش فيه ، وأثر على عقله وتفكيره و وجدانه . . . إن عقل هذا الرجل وفؤاده قد ارتبطا بالعرب . . . *
وورث الشيخ عبد الله مبارك هذا الانتماء العروبي من والده مبارك الكبير الذي لم يكن يخفي ميله الشديد للوحدة العربية وحرصه الشديد على استقلاق العرب والعمل على الخروج من المظلة العثمانية وقد قرن الشيخ عبد الله المبارك القول بالفعل حين كان يجاهر بالانتماء

صقر الخليج ، ص 123 .


للعروبة ، إذا بادر دائماً إلى دعم الأشقاء العرب سياسياً واقتصادياً ، وقام بإلغاء تأشيرات الدخول إلى الكويت بالنسبة للعرب ، وقد ترسخ هذا الشعور الوجداني العروبي بعد نكبة فلسطين التي كان لها صدى عميقاً في ضميره . وكانت الكويت بسبب قناعة الشيخ عبد الله مبارك الراسخة سباقة إلى تطبيق قرارات الجامعة العربية حتى قبل انضمامها الرسمي لها . ولذا استطاع رجلنا أن يوطد علاقات الكويت بمحبطها العربي ، ولم يدخر وسعاً في التأكيد على موقف الكويت التضامني مع أي جهد تنسيقي نبيل بين الأقطار العربية ، مع التأكيد على أن الكويت لا يمكن لها أن تكون طرفاً في النزاعات العربية . وعززت شخصيته العروبية موقف الكويت هذا ، وهو موقف متوازن أبقى الكويت بعيدة عن المحاور ومراكز الجذب والاستقطاب المتمثلة بقيام الوحدة السورية المصرية من جهة ، وقيام الاتحاد الهاشمي بين العراق والأردن من جهة أخرى . وسمح هذا الموقف العقلاني للشيخ عبد الله مبارك بإقامة صلات طيبة مع لبنان والسعودية وسورية والأردن والجزائر والمغرب ومصر والعراق ، وأحاط نفسه بعلاقات شخصية وطيدة مع رهط كبير من الزعماء العرب آنذاك .

علاقاته مع الدول العربية والزعماء العرب
لم يكن من قبيل المصادفة أن الشيخ عبد الله المبارك لم يسافر قط إلى إيران والهند وباكستان خلافاً لما كان هو المعهود ، وأن زياراته الكثيرة تركزت على العراق وسورية ولبنان ومصر والسعودية وبلدان الخليج الأخرى .
واحتل لبنان مكانة خاصة في قلب الشيخ ، وكانت زياراته لهذا البلد مشحونة بالنشاطات الرسمية والاجتماعية والشخصية ، مع هيئات وأفراد ، ولم يتوان عن تقديم الدعم لمن يستحق . وتعرف عن قرب على عدد من رؤساء الوزراء منهم : رياض الصلح ، صائب سلام ، عبد الله اليافي ، رشيد كرامي ، أحمد الداعوق ، حسين العويني وأمين الحافظ . واحتفظ بصداقات مع صحافيين كبار منهم عفيف الطيبي ، سليم اللوزي ، سعيد فريحة وغيرهم ، وقد منحه فخامة رئيس الجمهورية فؤاد شهاب الوشاح الأكبر لوسام الاستحقاق اللبناني .
وكان من المألوف أن تتوطد علاقة الكويت بالسعودية وهي علاقة تاريخية ترقى إلى عهد الراحلين مبارك الكبير والملك عبد العزيز آل سعود . وقد تعززت هذه العلاقة بحكم الصداقة



الوثيقة التي ربطت الشيخ عبد الله مبارك بالملك سعود ، وحين خرج الثاني من السعودية ، لعب الأول دوراً في اقناع الرئيس عبد الناصر كي توافق مصر على إقامة الملك في ربوعها . وسافر الشيخ عبد الله كثيراً إلى سورية ، واستقبل هناك دائماً بالحفاوة والتقدير ، وقلده الرئيس أديب الشيكلي في عام 1952 وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة . وتأكيداً على الثقة المتبادلة بين الكويت وسةرية ، ساهم الشيخ في الدعوة غلى التبرعات للجيش السوري ، وتبرع هو شخصياً لهذا الجيش أثناء زيارة له لتهنئة الرئيس شكري القوتلي بانتخابه رئيساً .
وقام الشيخ بزيــارة رسميــة لـلأردن فـي شهر فبراير عام 1960 ، وتبرع للحكومة وللجيش بدعم مالي لتقويــة موقف هذا البلد وحثه على الدفاع عن حقوق العرب المغتصبة في فلسطين المحتلة .
وحظيت الجزائـر بلد المليون شهيد بتأييد الشيخ عبد الله مبارك المطلق ، وتبرع للثورة ، وشارك من موقعه كقائم بأعمال الحاكم باحتفال أقيم في ذكرى اندلاع الثورة في نوفمبر 1957 ، وكان الشيخ على رأس مستقبلي الوفد الجزائري الذي زار الكويت برئاسة السيد فرحات عباس رئيس الحكومة المؤقته .
ودعم الشيخ عبد الله مبارك جهود الملك محمد الخامس ملك المغرب في سبيل انهاء احتلال فرنسا لبلاده ، وربطته بالملك علاقة وثيقة . وحين سافر الشيخ إلى المغرب في عام 1962 وكان خارج السلطة وقتذاك ، أمر الملك الحسن الثاني باستقباله وأسرته استقبالاً رسمياً وخصص له قصراً للضيافة والتقى الاثنان في تطوان ، وفي ذلك إشارة لعمق احترام المسؤولين لشخصه .   
أما مصر الكنانة العزيزة على قلب كل عربي ، فقد كانت عند الشيخ عبد الله مبارك منارة الحضارة وصاحبة التاريخ والريادة والدولة القوية المناضلة . زكما تبرع لأقطار عربية أخرى وجيوشها ، بادر أيضاً في عام 1953 إلى الدعوة لحملة اكتتاب واسعة في الكويت للمساهمة في تسليح الجيش المصري . وكان الشيخ موضع حفاوة وتقدير من كل المسؤولين ، سيما الرئيس عبد الناصر الذي قلده أعلى الأوسمة المصرية ، والرئيس أنور السادات ، واستمرت العلاقة الشخصية بين الشيخ عبد الله المبارك والرئيسين عبد الناصر والسادات بعد استقالته من الحكم .



وتشير الوثائق إلى أن الشيخ عبد الله مبارك آمن دائماً جميع الكويتيين بضـرورة الحفــاظ
على علاقات حسن جوار مع العراق ، البلد العربي الجار ، وكان يؤمن دائماً بامكان العثور على حلول معقولة للمشاكل العالقة بين البلدين ، إلا أن الظروف بسبب التعسف العراقي لم تحقق المرتجى . وكان وقع كارثة الغزو على قلب الشيخ وعقله أليماً وثقيلاً ، وكان أكثر ما يفزعه كما يقول المقربون منه هو خاطر أن يلقى ربه قبل تحرير الكويت . لكن إرادة الله شاءت أن تتحرر دولة الكويت وهو على قيد الحياة ، وأكرمته العناية الألهية إذ دفن جثمان الشيخ عبد الله المبارك الطاهر في ثرى الكويت العزيزة والغالية على قلبه رحمه الله رحمة واسعة يوم السادس عشر من حزيران ( يونيو ) 1991 .